قبل خمس سنوات قررت محكمة العدل الدولية أن "بناء الجدار الإسرائيلي العازل غير شرعي وينافي القوانين الدولية" لكن تلك الفتوى بقيت حبرا على ورق. منظمة "مدنيون من أجل السلام" تحاول تقييم ذلك في مؤتمر دولي عقد اليوم في لاهاي.وينظر المؤتمر في مسألة الجدار الإسرائيلي العازل بعد مرور خمس سنوات من فتوى محكمة العدل الدولية بعدم شرعيته وتعارضه مع قواعد القانون الدولي، وكانت محكمة العدل الدولية أصدرت في التاسع من يوليو من عام 2004 فتوى بطلب من الأمين العام للأمم المتحدة، قالت فيه "أن الجدار الإسرائيلي غير شرعي ويتنافى مع مبادئ القانون الدولي."
وكان من أهم المتدخلين في المؤتمر رتشارد فالك، البروفيسور في القانون الدولي من جامعة برينستون الأمريكية، والذي قال "إن الأمم المتحدة تتحمل مسؤولية مستمرة بسبب عدم تطبيق قرار محكمة العدل الدولية" وبذلك بشأن الجدار العازل التي شرعت إسرائيل في بناءه على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ أكثر من خمس سنوات، وقالت إسرائيل حينها أنها تريد حماية مواطنيها وأراضيها من هجمات الفصائل الفلسطينية بالعمليات الانتحارية.
وفي مداخلة أمام الحاضرين بمعهد الدراسات الاجتماعية في لاهاي، أضاف فالك أن " القانون الدولي واضح تمام الوضوح حول عدم شرعية هذا الجدار، فهناك تداخل بين الجدار وبين حقوق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم لأنه بني أيضا على الأراضي المحتلة، وهذه من أهم الإشكاليات المطروحة حاليا في القانون الدولي.
واستطرد رتشارك فالك في وصف الجدار الإسرائيلي بأنه "يحمل صفة تدمير الإرادة الدولية، فسلوك الحكومات الإسرائيلية تتنافى مع ابسط القوانين الدولية" وقارن بينه وبين جدار برلين بالقول "أنه لو بني جدار برلين داخل أراضي الغربية لكان ذلك سببا كافيا لاندلاع الحرب العالمية الثالثة."
ايال هاروفيني: تناقض الإسرائيليين!وعلى نفس الخط، كانت مداخلة الباحث والناشط الإسرائيلي ايال هاروفيني من منظمة بتيسليم الإسرائيلية لحقوق الإنسان، واعتبر هاروفيني أن "هناك تناقضا كبيرا في سلوك إسرائيل تجاه الجدار وفتوى محكمة العدل الدولية في لاهاي، فالمحكمة الإسرائيلية العليا تجاهلت فتوى محكمة العدل الدولية واستعملت كلمة (مبالغ فيه) في وصفها للجدار الذي تبنيه إسرائيل.
ويبلغ طول الجدار الإسرائيلي العازل، حسب دراسة أنجزها ايال هاروفيني 723 كلم أي ضعف طول الخط الأخضر مرتين على الأقل، وأن 60% من مشروع الجدار قد تم إلى الآن إنجازه بما في ذلك الجزء الذي يفصل القدس الشرقية عن باقي المناطق الفلسطينية، أما الجزء الباقي فتأخر بسبب عجز في الميزانية المخصصة لتمويل أعمال الإنشاء. هناك الكثير من الآثار التي تجعل حياة الفلسطينيين مستحيلة، حسب تعبير ايال هاروفيني ومنها أنه يصادر حرية حركة الفلسطينيين، وبعطل الخدمات الصحية خاصة الاستعجالات منها بسبب وجود عدد قليل من المخارج التي يسيطر عليها الجيش والتي تغلق في معظم الأوقات.
ويتساءل الباحث الإسرائيلي: لماذا تبني إسرائيل أجزاء من الجدار في منحدرات بعض الوديان التي لا يمكن أن يتسلل منها أي مسلح، أو في مناطق عديدة لم تشهد إطلاقا أي تصعيد أمني أو تفجيرات انتحارية للمسلحين الفلسطينيين."
وقال هاروفيني "إن هناك نية مبيتة على المدى البعيد لتوسيع الاستيطان وسرقة الأراضي الفلسطينية وحماية المنشآت الاقتصادية التي يمكن للجدار أن يكون الوسيلة المناسبة لضمان إنشائها على تلك الأراضي." ومن ناحية أخرى يعطل الجدار أي مشاريع لتنمية المناطق الفلسطينية المحاذية في المستقبل، ويصادر الحق في الملكية والوصول إلى مصادر المياه، وأن 40% من المزارعين لا يسمح لهم بزراعة أراضيهم بسبب الجدار حاليا."
"الفلسطينيون يحميهم القانون الدولي"أما البرفسور الهولندي بول دي فارت من جامعة أمستردام والمختص في القانون الدولي فقال في مداخلته أنه "لا يمكن أن يكون هناك سلام في منطقة الشرق الأوسط مادامت الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية لا يأخذان في عين الاعتبار أن مصالح الفلسطينيين يحميها القانون الدولي" .
وعدد دي فارت بعض إشكالات القانون الدولي مستشهدا بأن "السفارات الفلسطينية تتم حمايتها ورعايتها من خلال القانون الدولي وأن عدم الاعتراف بفلسطين يتناقض مع واقع الحال، وبالتالي الجدار الإسرائيلي بمعزل عن جدلية توفير الأمن لإسرائيل من عدمه فهو لا شرعي وفقا لكل القوانين الدولية لأنه أقيم على أراضي داخل حدود 1967 التي انسحبت منها إسرائيل وبالتالي فهو داخل الحدود الفلسطينية من الناحية الفعلية."
وفي سؤال لإذاعة هولندا العالمية حول المشكلة في عدم إلزام إسرائيل بتطبيق إرادة المجتمع الدولي ممثلة في فتوى محكمة العدل الدولية، قال مؤسس الحملة الشعبية الفلسطينية لمقاومة الجدار العنصري " المشكلة في عدم وجود أي محاسبة لإسرائيل وفقا للقانون الدولي والتعامل معها كدولة فوق القانون الدولي.
ولهذا السبب دعا المجتمع المدني الفلسطيني، المجتمع الدولي لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها كما جرى مع جنوب إفريقيا لإنهاء احتلالها ونظامها العنصري ضد الفلسطينيين وإجبارها على الالتزام بالقانون الدولي، وابسط الأمثلة هنا هدم الجدار، وهذا ما سيحدث عاجلا أم آجلا."